الأحد، 19 أبريل 2015


يشهد العالم اليوم ثورة معرفية، يتزايـد حجمهـا ويتـضاعف بـصورة مـستمرة، ويتعرض فيها الفرد يوميا ً إلى كم هائل مـن المعلومـات المتناقـضة، ممـا يـضعه أمام مشكلات عديدة تتطلب التمييز بين المعلومـات الـصحيحة وبـين الادعـاءات التي لا أساس لها من الصحة لاتخاذ قرارات ملائمة حيالها.



لذا فقد أصبح هدف تنمية مهارات التفكير ولاسيما مهـارات التفكيـر الناقـد هـدفا ً أساسيا ً من أهداف العملية التعليميـة التعلميـة لتزويـد المتعلمـين بـالأدوات التـي تمكنهم من التعامل بفاعلية مع أي نوع مـن المعلومـات أو المـشكلات التـي قـد تواجههم في حياتهم، خاصة وأن تنمية التفكير الناقـد لـدى الفـرد يجعلـه مـستقلا ً في تفكيره ومتحررا ً من التبعية وقادرا ً علـى اتخـاذ قـرارات صـائبة فـي حياتـه وواعيا ً للتغيرات في مجتمعـه، مـستنيرا ً بالتـساؤل والبحـث وعـدم قبـول أيـة معلومة من دون تحري أو استقصاء.


أثبتت نتائج كثير من الدراسات أن تنمية قدرة المتعلمين على التفكير الناقد يـؤدي إلـى فهـم أعمـق للمحتوى المعرفي الذي يتعلمونه ويحول كل عمليـة اكتـساب المعرفـة مـن عمليـة خاملة إلى نشاط عقلي يفضي إلى إتقان أفـضل للمحتـوى وإلـى ربـط عناصـره بعضها ببعض، ويؤدي إلى توسـيع آفـاق المتعلمـين المعرفيـة والانطـلاق إلـى مجالات علمية أوسع مما يسهم في تعلم نوعي ذي معنى


وتبدو الحاجة ملحة إلى تنمية التفكيـر الناقـد فـي المـواد الدراسـية جميعهـا، إلا أنها قد تكون أكثر إلحاحا ً في مـادة التـاريخ، كونـه يفتقـر إلـى إطـار معرفـي محدد، كما أن أحداثه لا يمكن ملاحظتها مباشرة بـل يمكـن اكتـشافها مـن خـلال الاستدلال بأشياء موجودة.


وبما أن التفكير الناقد لا يقتصر على نقـد ظـواهر الأشـياء وإنمـا يتعـدٓاها إلـى التفكير في العلل والمـسببات وطـرح التـساؤلات حـول القـضايا التـي تـسبب الأزمات ما يجعل للخبرات التي يحصل عليها الأفراد معنى وقيمة وأثر.


إن هذا يتفق مع دراسـة التـاريخ التـي تقـوم علـى النقـد والتحليـل والتفـسير وإرجاع الأحداث إلـى أسـبابها الحقيقيـة وتمحـيص جميـع الجوانـب المتعلقـة بالموضوع وإصدار الأحكام.

يتضح مما سـبق أهميـة توظيـف التفكيـر الناقـد فـي تـدريس مـادة التـاريخ وضرورة عدٓه مطلبا ً أساسيا ً يسهم فـي تحويـل هـذه المـادة مـن مـادة حفظيـة حقائقها متناثرة لا رابط بينها إلى مـادة يـستطيع المـتعلم توظيـف حقائقهـا فـي إثبات أرائه وتوجهاته، فالتاريخ لا يقـف عنـد مجـرد تـسجيل أحـداث الماضـي وإنما يحاول تفسير التطور الذي طرأ علـى حيـاة الأمـم والمجتمعـات المختلفـة  وكيف ولماذا حدث هذا التطور؟ من خلال إظهـار التـرابط بـين هـذه الأحـداث وتوضيح العلاقات السببية بينها، وهـذا يـستدعي البحـث عـن المـادة التاريخيـة وجمعها وتحليلها وترتيبها ونقدها. من هنا يمكن القول إن دراسـة التـاريخ تمثـل مجـالا ً خـصبا ً لتنميـة مهـارات التفكير الناقد وتطويرها لـدى الطلبـة بمـا يـساعدهم فـي مواجهـة المـشكلات المتزايدة في عالمهم المعاصر.



لذلك فإن هذه المدونة تهدف لتكون ميدان حر تٌطلق فيه الطالبات أحكامهن ويعبرن فيها عن أرائهن فيما تتناوله الأحداث التاريخية من موضوعات في المنهج المقرر، مما يُتيح لهن ربطها بما يواجهن اليوم من أحداث ،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق